التغيير

يقال إن الشيء الوحيد الثابت في هذه الحياة هو التغيير ، فالإنسان يتنقل من مرحلة إلى أخرى ، فهو نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم جنينيا ثم طفلا يافعا ثم شابا ثم رجلا .



والدنيا كذلك ليل ثم نهار .. صيف ثم خريف ثم شتاء ثم ربيع .. والقمر والماء والحيوان والنبات كذلك . حتى عقارب الساعة لن تقف مرة واحدة في حياتها .



وبما أن التغيير سمة الكون وسنة الحياة فهو لا بد من فطرة الله التي فطر كل شيء عليها ، والإنسان مخلوق من هذه المخلوقات التي لا بد لها من الانصياع لفطرة الله تعالى وعدم ابتغاء شيء محلها .



ومن هذا المنطلق يجب أن نقول أن التغيير سمة يجب على الإنسان أن يلتزم بها معرفة وعملا حتى ينصاع طوعا إلى ما جبل عليه مخلوقات الله تعالى وما فطر عليه الإنسان الأول .



تخيل نفسك تركب سيارتك وأنت في الشارع ، فإن لم تغير من حالتك بزيادة سرعتك مثلا ، سوف تبقى على السرعة الأولى التي بدأت بها وفي أحسن الظروف سوف تصبح في آخر الركب الذين سبقوك بأشواط وأشواط هذا إذا لم تصبح لهم عقبة كؤود تنتصب في وسط تستحق مخالفة مرورية من أحد رجال الشرطة .



ولكن الإنسان لا يعيش في الشارع فحسب ، إنه يعيش في هذه الحياة الواسعة الرحبة . ويحتاج إلى متطلبات أخرى غير زيادة سرعته ، إنه يحتاج في مجمل حياته إلى تحقيق السعادة والرضا فهي مطلبه الأول والأخير .



والسعادة هي بمثابة بحر ليس له شطآن والإنسان معها دائما يقول : هل أستطيع أن أكون أفضل ؟! فمهما كان الإنسان سعيدا يتمنى أن يكون أسعد ! وهل في السعادة قناعة ؟! لا أظن ذلك .



والإنسان ما دام يؤمن بالدار الآخرة والحياة بعد الموت فلا بد له من أمور تضمن له سعادة ورضا بعد موته حيث أنه يعيش في وقت لا يمكنه فيه العمل ، فيسعى إلى تحقيق أمر يسمى بالصدقة الجارية هو بمثابة رصيد يدخره لوقت الحاجة ، فلا يترك هذه الحياة إلا وقد ترك فيها بصمة تترجم أعمالا وانجازات تحيي اسمه وتحفظ ذكره بعد رحيله .



أخي القارئ : دعني أسألك سؤالا مهما : هل هناك هدف لحياتك ؟! فإن كان جوابك نعم فمعناه أنك تسير في الدرب الصحيح . وإن كان لا ، فمعناه أنك تهيم على وجهك في صحراء ، وبذلك تحتاج إلى التغيير .



إن معرفة الهدف يسهل الوصول إليه ، ومادام ، وما دام هدفك في هذه الحياة هو تحقيق السعادة فلماذا لا تغير منهج حياتك كلها وتحولها إلى أمور تضمن لك تحقيق هذا الهدف ، واختر الطرق التي تظن أنها توصلك إلى التسربل بالسعادة من مفرق شعرك إلى أخمص قدميك .



إن التغيير هو عملية التحول من حالة واقعية تعيشها أنت الآن بما قد يكون فيها من أفراح وأتراح إلى حالة منشودة تتمنى الوصول إليها .



إن كنت تبحث عن السعادة ، ولم تحقق الرضا المطلوب وتريد أن تكون أفضل وأن تترك في الحياة إنجازات تدل عليك وتدعوا لاحترامك … فالحل هو التغيير ..